تُعد الأفلام التونسية من أبرز التجارب السينمائية العربية التي استطاعت أن تجمع بين الحسّ الإنساني العميق والطرح الجريء للواقع الاجتماعي والسياسي، لتخلق لغة بصرية فريدة تعبّر عن هوية هذا البلد وتاريخه وتحوّلاته. فمن الدراما الواقعية إلى الفانتازيا الصوفية، ومن الحكايات الفردية إلى القضايا الكونية، برزت أسماء مخرجين ومخرجات تونسيين تركوا بصمتهم في المهرجانات العالمية، مؤكّدين أن السينما يمكن أن تكون مرآةً للوجع والأمل معًا.
في هذا التقرير نستعرض أفضل 10 أفلام تونسية تستحق المشاهدة ولو لمرة واحدة، أعمالًا حققت انتشارًا عالميًا واسعًا جمعت بين الجرأة الفنية والصدق الإنساني، وعبّرت عن جيلٍ لا يزال يبحث عن الحرية والمعنى وسط عالمٍ مضطرب.
أفضل 10 أفلام تونسية حققت شهرة عالمية:
10. على كفّ عفريت / الجميلة والكلاب
- عام الإنتاج: 2017
- المخرج: كوثر بن هنية
- التصنيف: دراما | إثارة
في ليلة واحدة، تجد الطالبة الجامعية مريم نفسها وسط كابوس لم تتخيله يومًا، بعد أن تتحول سهرة عادية إلى مأساة تهز كيانها، إذ تتعرض للاعتداء من مسؤول نافذ، لتنطلق بعدها في رحلة مضنية عبر المؤسسات الرسمية بحثًا عن العدالة، لتواجه جدرانًا من البيروقراطية واللامبالاة، وتدرك أن النظام الذي وُجد لحمايتها يقف ضدها، ليصبح الليل اختبارًا قاسيًا لصمودها وإيمانها بنفسها.
يأخذ الفيلم المشاهد في دوامة من التوتر والاختناق، حيث تمتزج هشاشة الفرد أمام السلطة بعنفٍ صامتٍ متغلغل في تفاصيل الحياة اليومية، ليكشف بأسلوب حاد عن الفجوة بين الشعارات والواقع، وعن صرخة امرأة تحاول ألا تُسحق في نظام لا يرى الإنسان إلا كرقم في ملف.
9. صوت هند رجب
- عام الإنتاج: 2025
- المخرج: كوثر بن هنية
- التصنيف: وثائقي درامي
يستعيد الفيلم بحسٍّ إنساني مؤلم الساعات الأخيرة في حياة الطفلة الفلسطينية هند رجب، ذات الخمس سنوات، التي وجدت نفسها محاصرة وسط أهوال العدوان الإسرائيلي على غزة. تتناوب الكاميرا بين الوثائقي والدرامي لتعيد بناء اللحظات التي تلقت فيها فرق الإسعاف نداءها اليائس، محاولين الوصول إليها رغم الخطر المحدق من كل اتجاه.
في هذا العمل، تتجسد المأساة بأصواتٍ ووجوهٍ حقيقية، إذ يوثق الفيلم نضال المسعفين العالقين بين الواجب والموت، ويسلط الضوء على براءة الطفولة حين تُقذف في أتون الحرب، ليصبح “صوت هند” رمزًا للإنسانية المحاصرة والأمل الذي يقاوم تحت الركام.
نرشح: 10 أفلام مصرية حزينة ومؤثرة ستجعلك تبكي
8. دشرة
- عام الإنتاج: 2018
- المخرج: عبد الحميد بوشناق
- التصنيف: رعب | تشويق وإثارة
تبدأ الحكاية حين يقرر ثلاثة طلاب صحافة، ياسمين ووليد وبلال، خوض مغامرة بحثٍ جامعي حول أسطورة غامضة تتعلق بامرأة تُدعى منجية، يُقال إنها مارست السحر الأسود قبل عقود، ليقودهم فضولهم الأكاديمي إلى قرية نائية تُدعى “دشرة”، حيث يسود الصمت وتغيب الملامح الحضارية، ليجدوا أنفسهم أمام مجتمع غريب تُخفي ابتساماته أسرارًا لا توصف.
تكتشف ياسمين تدريجيًا أن ما بدا مشروع تخرج عاديًا يتحول إلى كابوس حقيقي، إذ تتكشف الطقوس المظلمة التي يمارسها سكان القرية، ويتحول التحقيق الصحفي إلى صراع من أجل النجاة. “دشرة” لا يقدّم مجرد رعب بصري، بل يغوص في عمق الأسطورة الشعبية التونسية، كاشفًا عن الخوف الكامن في المجهول، وعن هشاشة الإنسان أمام المعتقد والظلام.
7. نحبك هادي
- عام الإنتاج: 2016
- المخرج: محمد بن عطية
- التصنيف: دراما
يحكي الفيلم قصة هادي، شاب تونسي يعيش حياة مكررة بلا شغف، يخضع لتقاليد المجتمع وأوامر والدته التي تتحكم في تفاصيل يومه وحتى زواجه المقبل من فتاة لم يخترها. يبدو هادي كمن يسير في طريق رسمه له الآخرون، حتى تأتي رحلة عمل تقلب حياته رأسًا على عقب.
في تلك الرحلة، يلتقي بـ”ريم”، امرأة مستقلة تعمل منظمة رحلات، تجسد الحرية والعفوية التي يفتقدها، فيشتعل داخله صراع بين ما هو مفروض عليه وما يرغب به حقًا. عبر هذا اللقاء، يبدأ هادي في مواجهة خوفه من التغيير، ويجد نفسه على حافة قرار مصيري سيحدد إن كان سيبقى أسير التقاليد أم ينحاز إلى ذاته.
نرشح: أفضل 10 أفلام رومانسية عربية تأخذك في رحلة الحب والعاطفة
6. ماء العين
- عام الإنتاج: 2024
- المخرج: مريم جوبار
- التصنيف: دراما
في قرية تونسية هادئة، تعيش عائشة مأساة صامتة بعد أن التحق ابناها بالجماعات المتطرفة في سوريا، لتبقى عيناها تترقبان الأفق بانتظار عودتهما. تعرف عائشة بقدرتها الغامضة على التنبؤ، لكنها رغم رؤاها تبقى أسيرة الأمل، إلى أن يعود ابنها مهدي فجأة، مصحوبًا بامرأة منقبة وغامضة تحمل طفلاً في أحشائها.
تحمل العودة بين طياتها اضطرابًا غريبًا، إذ تتزامن مع اختفاءات غامضة بين سكان القرية، فيبدأ الشك يتسلل إلى القلوب، لتجد عائشة نفسها ممزقة بين حبها الأمومي وسواد الأسرار التي تلتف حول بيتها، لتتحول القصة إلى رحلة روحية ونفسية عن الفقد، والإيمان، وحدود الغفران في عالم ينهشه الخوف.
5. صمت القصور
- عام الإنتاج: 1994
- المخرج: مفيدة التلاتلي
- التصنيف: دراما
تعود علياء، المغنية الشابة، إلى القصر الذي شهد طفولتها لتقديم واجب العزاء بوفاة الأمير، غير أن العودة تفتح أبواب الذاكرة لتكشف عن عالم من التناقضات بين الأبهة والاستعباد، وعبر استرجاعاتها، نغوص معها في خمسينيات تونس، حيث كانت والدتها خديجة تعمل خادمة ضمن نساء يكرسن حياتهن لخدمة النبلاء في صمت مطبق.
بين الغناء والقيود، تكتشف علياء تدريجيًا أسرار نشأتها ومكانتها الملتبسة في مجتمع يحدد قيمة النساء بأدوارهن، فتبدأ رحلة مؤلمة نحو اكتشاف ذاتها وهويتها. الفيلم لا يروي حكاية امرأة فحسب، بل يفضح نظامًا طبقيًا يختزل الأنثى في ظل السلطة، ويحوّل الذاكرة إلى مرآة لماضٍ ما زالت آثاره حاضرة.
4. بيك نعيش
- عام الإنتاج: 2019
- المخرج: مهدي البرصاوي
- التصنيف: دراما | أكشن
في خضم الفوضى التي أعقبت الثورة التونسية، يعيش الزوجان فارس ومريم حياة هادئة مع طفلهما الوحيد عزيز، إلى أن تصيب رصاصة طائشة الصغير، فتتحول حياتهما إلى سباق محموم ضد الزمن لإنقاذه، إذ يحتاج الطفل إلى زراعة كبد عاجلة، ومع بدء البحث عن المتبرع، تتكشف حقيقة مدفونة تهز أركان الأسرة.
يتحول الصراع من مأساة طبية إلى أزمة وجودية، إذ تضع المحنة فارس ومريم أمام أسئلة عن الثقة والحقيقة والهوية. من خلال هذه الحكاية المؤثرة، يرسم الفيلم صورة دقيقة عن هشاشة الإنسان أمام القدر في بلد يعيد بناء نفسه وسط الفوضى والشك.
3. الملكة الأخيرة
- عام الإنتاج: 2022
- المخرج: داميان أونوري وعديلة بن ديمراد
- التصنيف: دراما | تاريخي | مغامرات
ينقلنا الفيلم إلى الجزائر في مطلع القرن السادس عشر، حيث تواجه المملكة خطر الغزو الإسباني المحدق، حيث يسعى الملك سليم لإنقاذ بلاده بطلب العون من القائد البحري عروج بربروس، الذي يتمكن من دحر الإسبان، غير أنه ينقلب على حليفه ويستولي على الحكم بدم بارد، لتبدأ مرحلة من الفوضى والدماء.
في قلب هذا الصراع، تنهض الملكة زفيرة، أرملة الملك، رافضةً الهرب أو الخضوع، فتتحول من سيدة القصر إلى رمز للمقاومة، تقود المعركة دفاعًا عن شعبها وكرامتها.
نرشح: أفضل 30 فيلم تاريخي في كل العصور
2. بابا عزيز
- عام الإنتاج: 2005
- المخرج: الناصر خمير
- التصنيف: دراما | فانتازيا (صوفي)
في فضاءٍ صحراوي لا نهائي، يمضي الشيخ الصوفي بابا عزيز مع حفيدته عشتار في رحلة بلا خريطة، بحثًا عن التجمع الصوفي الأسطوري الذي يُقام كل ثلاثين عامًا في مكان مجهول. يقودهما الإيمان إلى مسارات يتداخل فيها الواقع بالحلم، حيث البصيرة تحل محل البصر، وتتحول الصحراء إلى مرآةٍ للروح الساعية نحو المعنى.
خلال المسير، تتشابك قصص شخصياتٍ تائهة تبحث عن الحب والنور والخلاص، لتغدو الرحلة أشبه بترتيلة عن الاتحاد الإلهي والحنين الأزلي إلى الأصل. بأسلوب شعري وصور مفعمة بالرمز، يقدّم الفيلم تأملاً بصريًا وروحيًا في جوهر الوجود، وفي قدرة الإنسان على الإبصار الداخلي حين تُطفأ أنوار العالم.
1. الرجل الذي باع ظهره
- عام الإنتاج: 2021
- المخرج: كوثر بن هنية
- التصنيف: دراما
يحكي الفيلم حكاية سام علي، لاجئ سوري هارب من الحرب، تتقاذفه الحدود والقوانين بينما يحلم فقط بالوصول إلى أوروبا للالتحاق بحبيبته عبير، وفي إحدى الأمسيات الفنية، يلتقي بفنان عالمي مثير للجدل يعرض عليه صفقة غريبة: أن يحوّل ظهره إلى لوحة فنية مقابل منحه حرية الحركة وتأشيرة “شنغن”.
يقبل سام العرض مدفوعًا بيأسه، لكن سرعان ما يدرك أنه تنازل عن أكثر ما يملك، جسده وحريته، ليصبح كائنًا معروضًا في المتاحف، يُشاهد ولا يُسمع. يتأمل الفيلم العلاقة المعقدة بين الفن والإنسان، وبين الحرية والاستغلال، في حكاية مريرة عن زمنٍ يُختزل فيه الجسد إلى سلعة، والكرامة إلى توقيع على عقد.