يُمثّل عقد الستينات محطة مفصلية في تاريخ السينما العالمية، إذ شهد تحولات جذرية أعادت تعريف لغة الفيلم ودوره الفني والفكري، ففي هذه الحقبة تراجعت القوالب الكلاسيكية الصارمة، وبدأت هوليوود تنفتح على رؤى أكثر جرأة متأثرة بالحركات السينمائية الأوروبية، ما مهّد لولادة ما عُرف بـ«هوليوود الجديدة». وفي هذا التقرير نستعرض قائمة مختارة لأفضل عشرة من أفلام الستينات، مرتبة تنازليًا، بوصفها أعمالًا خالدة شكّلت ملامح السينما الحديثة.
أفضل أفلام الستينات:
10- كول هاند لوك | Cool Hand Luke
ستيوارت روزنبرغ | 1967 | دراما – سجون
يتناول الفيلم قصة لوك جاكسون، الجندي السابق الذي يُسجن في معسكر عمل بفلوريدا بسبب جنحة بسيطة، ليواجه نظامًا صارمًا يقوم على القهر والطاعة العمياء، فيرفض الخضوع للقواعد ويدخل في صدام دائم مع الحراس عبر عناده ومحاولات هروب متكررة، ما يجعله رمزًا للأمل والتمرد بين السجناء.
يحتل الفيلم مكانة بارزة في سينما الستينات لتجسيده روح التمرد على السلطة بأسلوب رمزي عميق، مدعومًا بأداء خالد لبول نيومان الذي قدّم شخصية تراجيدية رافضة للانكسار، وتميز بحوارات لا تُنسى، كما أنه نال جائزة أوسكار لأفضل ممثل مساعد لجورج كينيدي، إضافة إلى 3 ترشيحات أخرى.
9- الهروب الكبير | The Great Escape
جون ستورجس | 1963 | مغامرة – حربي – دراما
يستند الفيلم إلى قصة حقيقية لضباط من قوات الحلفاء المحتجزين في معسكر ألماني محصن خلال الحرب العالمية الثانية، حيث يقود روجر بارتلت خطة دقيقة لحفر ثلاثة أنفاق سرية لتهريب الأسرى، وبعد نجاح عدد منهم في الفرار تبدأ مطاردة واسعة عبر أوروبا، تتقاطع خلالها مصائر الهاربين بين النجاة والاعتقال والموت.
يُستعاد هذا العمل بوصفه نموذجًا كلاسيكيًا لأفلام المغامرات الحربية لما جمعه من تشويق محكم وعمق إنساني، مدعومًا بطاقم تمثيل لافت ومشاهد أيقونية خالدة، مثل مطاردة الدراجة النارية، إضافة إلى موسيقاه الفريدة والمميزة.
نرشح: أفضل 20 من أفلام الهروب من السجن عبر تاريخ السينما
8- صوت الموسيقى | The Sound of Music
روبرت وايز | 1965 | موسيقي – دراما – عائلي
تغادر الراهبة الشابة ماريا الدير لتعمل مربية لأطفال القبطان فون تراب في النمسا، فتدخل منزلًا يسوده الانضباط والصرامة، وبفضل حبها للموسيقى وروحها المرحة تنجح في إعادة الفرح إلى الأطفال وتكسب ثقة والدهم.
يكتسب الفيلم أهميته من تحوله إلى ظاهرة ثقافية عالمية جمعت بين الأغاني الخالدة وقصة مؤثرة عن الحب والمقاومة، حتى أنه حصد خمس جوائز أوسكار منها أفضل فيلم وأفضل مخرج، ليترسخ كمرجع أساسي للأفلام الموسيقية العائلية عبر الأجيال.
7- لورنس العرب | Lawrence of Arabia
ديفيد لين | 1962 | سيرة ذاتية – ملحمي – مغامرة
يروي الفيلم سيرة الضابط البريطاني توماس إدوارد لورنس الذي يُرسل إلى الصحراء العربية خلال الحرب العالمية الأولى، حيث ينجح في توحيد القبائل وقيادتها ضد العثمانيين، ومع تصاعد انتصاراته يتحول إلى قائد أسطوري، لكنه يدخل في صراع داخلي بين ولائه السياسي وانجذابه للعرب، وبين نشوة الحرب وصدمة العنف، لتنتهي رحلته بخيبة شخصية وسياسية.
واحد من أعظم أفلام الستينات، والسينما عموما، بفضل ملحميته البصرية التي جعلت من الصحراء عنصرًا حيًا في السرد، إلى جانب أداء نفسي معقد لبيتر أوتول، وقد تُوّج بسبع جوائز أوسكار شملت أفضل فيلم ومخرج وتصوير.
6- أن تقتل طائرًا بريئًا | To Kill a Mockingbird
روبرت موليغان | 1962 | دراما – جريمة – قانوني
تُروى أحداث الفيلم من منظور الطفلة سكاوت في بلدة جنوبية خلال الكساد العظيم، حيث يقرر والدها المحامي أتيكوس فينتش الدفاع عن رجل أسود متهم ظلمًا، متحديًا عنصرية المجتمع وضغوطه، وبينما يواجه هو وأطفاله الكراهية والتهديدات، تتشكل لديهم دروس عميقة عن العدالة والشجاعة وفقدان البراءة في عالم غير منصف.
يندرج الفيلم ضمن إنتاجات الستينات الخالدة لأنه صنع شخصية أتيكوس فينتش التي تعد من أعظم الرموز الأخلاقية في تاريخ السينما، وعالج قضية العنصرية بإنسانية صادقة من منظور طفولي مؤثر، وقد حصد ثلاث جوائز أوسكار لأفضل ممثل لغريغوري بيك وأفضل سيناريو مقتبس والديكور.
5- حدث ذات مرة في الغرب | Once Upon a Time in the West
سيرجو ليوني | 1968 | ويسترن – ملحمي
في صراع ملحمي حول الأرض ومسار السكك الحديدية تتقاطع مصائر أربع شخصيات، هارمونيكا الباحث عن الانتقام، وفرانك القاتل السادي، وجيل الأرملة الوريثة، وشايان الخارج عن القانون، وتدور بينهم لعبة بطيئة من الخداع والمواجهات تتكشف خلالها الدوافع وتُصفّى الحسابات، على خلفية الغرب الشاسع معلنة أفول الفوضى وصعود المال.
يجسد الفيلم ذروة الأسلوب الأوبرالي لسيرجو ليوني إذ حوّل الويسترن إلى فن يعتمد على الصورة والصمت والموسيقى، وتميّز بمشاهد طويلة وموسيقى إنيو موريكوني التي تروي السرد، ورغم غياب الأوسكار عنه فقد حاز إجماعًا نقديًا بوصفه أعظم فيلم ويسترن لتكامله الجمالي.
نرشح: أفضل 20 من أفلام الغرب الأمريكي/ الويسترن على الإطلاق
4- الطيور | The Birds
ألفريد هتشكوك | 1963 | رعب – إثارة – كوارث
تزور ميلاني بلدة ساحلية صغيرة بدافع عاطفي، لكن حياتها تنقلب حين تبدأ الطيور فجأة في شن هجمات منظمة على السكان دون تفسير واضح، وتتطور الأحداث من وقائع متفرقة إلى حصار خانق يهدد بقاء البلدة، فيجد الناس أنفسهم محاصرين داخل منازلهم يواجهون طبيعة غاضبة، وسط أجواء توتر نفسي وغموض يرفض تقديم إجابات سهلة.
يكتسب الفيلم مكانته لكونه رائد سينما رعب الطبيعة والنهايات المفتوحة، إذ حوّل هتشكوك مخلوقات مسالمة إلى مصدر فزع خالص، واعتمد المؤثرات الصوتية بدل الموسيقى لتعظيم التوتر، وحتى يومنا هذا يُدرّس كنموذج لكيفية خلق الخوف من المجهول.
نرشح: أفضل 20 من أفلام الحيوانات المتوحشة على الإطلاق
3- بوتش كاسيدي وساندانس كيد | Butch Cassidy and the Sundance Kid
جورج روي هيل | 1969 | ويسترن – سيرة ذاتية – جريمة
يسرد الفيلم القصة الحقيقية للصين شهيرين في الغرب الأمريكي، بوتش العقل المدبر وساندانس قليل الكلام، ومع تشديد المطاردة عليهما يقرران الهرب إلى بوليفيا برفقة معلمة شابة بحثًا عن بداية جديدة، لكن محاولاتهما للاستمرار في السطو تصطدم بصعوبات الواقع ومصير لا مفر منه، في رحلة تمزج الصداقة بالمغامرة ونهاية زمن الخارجين عن القانون.
دائما ما يُستعاد كعمل مفصلي لأنه أعاد تعريف الويسترن بخلطة تجمع الكوميديا والمأساة، ورسّخ أفلام الرفاق بفضل الكيمياء اللافتة والاستثنائية بين بول نيومان وروبرت ريدفورد، وقد حصد أربع جوائز أوسكار في السيناريو والتصوير والموسيقى والأغنية.
2- سايكو | Psycho
ألفريد هتشكوك | 1960 | رعب – إثارة – غموض
تهرب ماريون بعد سرقة مبلغ مالي بحثًا عن حياة جديدة، لتقودها الصدفة إلى فندق معزول يديره نورمان بيتس الغريب ووالدته المتسلطة، وبعد اختفائها الغامض يبدأ التحقيق كاشفًا أسرارًا مظلمة عن علاقة مرضية وجرائم دفينة داخل المنزل، في حبكة صادمة تقلب توقعات المشاهد وتدفع التشويق النفسي إلى أقصاه.
يترسخ كأحد أعمدة السينما لأنه أسّس للرعب النفسي الحديث بجرأته في قتل البطلة مبكرًا ومشهد الاستحمام الثوري في المونتاج، وقد ترشح لأربع جوائز أوسكار منها الإخراج وممثلة مساعدة، ولا يزال حتى يومنا هذا مدرسة في التشويق وكسر المحرمات السينمائية وبناء الخوف النفسي.
نرشح: أفضل 20 من أفلام الرعب النفسي على الإطلاق
1- الطيب والشرس والقبيح | The Good, the Bad and the Ugly
سيرجو ليوني | 1966 | ويسترن – ملحمي
تدور أحداث الفيلم على خلفية الحرب الأهلية الأمريكية، حيث تتقاطع طرق ثلاثة رجال مختلفين في الطباع والدوافع، بلوندي الهادئ، وتوكو الخارج عن القانون الماكر، وأنجل آيز القاتل بلا رحمة، وهم يتنافسون للوصول إلى كنز مدفون من الذهب، وتتبدل تحالفاتهم وسط الخداع والمطاردات والمعارك، في رحلة طويلة تحكمها الأنانية وغريزة البقاء، بينما تكشف الحرب عبث الصراع الإنساني.
يترسخ الفيلم في قمة أفلام الستينات بوصفه ذروة ثلاثية الدولار، وأحد أكثر أعمال الويسترن تأثيرًا في تاريخ السينما، فقد صنع ليوني أسلوبًا بصريًا صارمًا قائمًا على المواجهات والمونتاج المتوتر، بينما صنعت موسيقى موريكوني إيقاعًا أيقونيًا لا يُفصل عن التجربة.
نرشح:
- أفضل 10 من أفلام السبعينات على الإطلاق
- أفضل 20 فيلما من أفلام الثمانينات على الإطلاق
- أفضل 20 فيلما من أفلام التسعينات على الإطلاق









